في ظل واقع يواجه فيه الكثير من الشباب التهميش والغياب عن ساحات صنع القرار، تنطلق مبادرة “مؤثّرات” لتعيد رسم دور الشباب في تونس. هذه المبادرة الوطنية التي تنفذها منظمة etabeDII بالشراكة مع السفارة الكندية في تونس، تهدف إلى تعزيز صوت الفئات الشبابية المهمشة، مع تركيز خاص على الشابات، وذوي الإعاقة، وسكان المناطق الريفية والمهمشة. من مطماطة إلى سواحل بنزرت، ومن قابس وجرجيس إلى أحياء وقرى مدنين، يشكل مشروع “مؤثّرات” منصة حقيقية تتيح للشباب في هذه المناطق فرص التعبير عن آرائهم، والاعتراف بدورهم الحيوي، وتمكينهم من قيادة مبادرات التغيير على المستوى المحلي.
يرتكز المشروع على رؤية واضحة تقضي بأن الشباب هم فاعلون أساسيون في التنمية المجتمعية، لا مجرد متلقين للدعم. مع تركيز موجه نحو الفئات التي لطالما وجدت نفسها على هامش المشاركة، من شابات المناطق النائية، وذوي الإعاقة، يعمل “مؤثّرات” على تفكيك الحواجز البنيوية عبر تزويد المشاركين بالأدوات والمعارف وبناء الشبكات الضرورية لتحقيق تأثير ملموس.
يشمل البرنامج دورات تدريبية متخصصة في المهارات الرقمية، وتنمية القدرات القيادية، وتعزيز المشاركة المدنية، إلى جانب تقديم دعم نفسي واجتماعي، ما يمنح الشباب فرصة لفهم التحديات المحيطة بهم وتحويلها إلى فرص حقيقية للتغيير.
تنطلق الانشطة الميدانية للبرنامج بتنظيم 30 جلسة حوارية تحت عنوان “حديث مقهى” و هي واحدة من أبرز الخطوات القادمة، حيث ستقام هذه اللقاءات في مراكز الشباب والأماكن العامة في المناطق المستهدفة. وستتناول هذه الحوارات مواضيع ذات صلة بحياة الشباب اليومية، كالتصدي للوصم المرتبط بالصحة النفسية، ومكافحة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وتسهيل الوصول إلى التعليم والعمل، والتصدي للتمييز على أساس الجنس. وتهدف هذه الفعاليات إلى خلق بيئة حوارية مفتوحة وآمنة، تسمح للشباب، خصوصًا من الفئات المهمشة، بتبادل الخبرات، ومناقشة الأفكار، والتعاون في ابتكار حلول محلية تلبي حاجاتهم الفعلية.

كما انه من المقرر ان تليها انطلاق سلسلة بودكاست تحت عنوان “مؤثّرات” اعتبارًا من سبتمبر5202، تقدم منصة فريدة تسمح بنقل أصوات الشباب الذين غالبًا ما تغيب قصصهم عن الإعلام التقليدي. تحتوي كل حلقة على شهادات حية من شباب مهمشين، مع مساهمات من قادة مجتمعيين وخبراء متخصصين في مجالات الإدماج، الصحة النفسية، والتمكين. تُنتج هذه الحلقات وتُقدم من قبل الشباب أنفسهم، لتُبث عبر منصات رقمية وإذاعات محلية، بهدف تعزيز الحوار المجتمعي وكسر الصور النمطية السائدة.

بالإضافة, انطلاقًا من نتائج جلسات “حديث المقهى”، ستتولى تسع فرق شبابية تنفيذ حملات توعية مجتمعية تستهدف موضوعات مثل الوصم الاجتماعي، ودعم الصحة النفسية، وتوفير فرص التدريب والعمل للشباب المهمش. كما ستسعى هذه الفرق إلى بناء جسور تواصل مع الجهات المحلية لتيسير وصول الشباب إلى الموارد والفرص المتاحة، بالتعاون مع البلديات والمنظمات المدنية.
بهذا الشكل، يتحول المشروع إلى مساحة تواصل فاعلة بين الشباب، المجتمع المدني، ومؤسسات الدولة لضمان استدامة الأثر.
في فبراير 6202، يحتضن المشروع حدثًا وطنيًا يجمع كل المشاركين لعرض إنجازاتهم، وتبادل الخبرات، والاحتفاء بمساهماتهم في التغيير. يشكل هذا التجمع فرصة لتعزيز التعلم المشترك، وتكريم الجهود، وبناء شبكات دعم قوية تؤكد أن الشباب هم محرك التغيير الحقيقي متى أُتيحت لهم الفرصة.
يأتي هذا المشروع استجابة ضرورية لحاجات الشباب الطامح في تونس، ممن يفتقرون إلى الموارد والفرص للانخراط الفاعل في قيادة التغيير. “مؤثّرات” منصة تعترف بالإمكانات الكامنة في كل فرد من الفئات المهمشة، وتعمل على تحويل التهميش إلى قوة تأثير إيجابية. نؤمن بأن تمكين الشباب، وبخاصة المنتمين إلى الفئات الأكثر هشاشة، يفضي إلى تقدم المجتمع بأسره، وهذه هي الرسالة الجوهرية للمشروع. من خلال دعم الطاقات الشبابية، يسهم “مؤثّرات” في بناء تونس أكثر عدالة وشمولية، تتيح لكل شاب وشابة، بغض النظر عن خلفياتهم أو قدراتهم، فرصة الازدهار والمساهمة الفعالة في مستقبل وطنهم.
“مؤثّرات” ليس مجرد مشروع عابر، بل هو حركة مجتمعية حقيقية تنبع من معاناة وتطلعات الشباب، وتقوم على قيم الاعتراف والكرامة والتمكين، بقيادة من يحملون شعلة التغيير.
